تفعيل دور المؤسسات الإستهلاكية للسيطرة على الأسعار

الدكتور بسام الزعبي
في ظل التسارع الكبير بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمنتجات الإستهلاكية عالمياً، ومع فقدان القدرة على تحديد سقوف سعرية لها لعدة أسباب داخلية وخارجية؛ تسعى الدول لوضع سياسات متنوعة للسيطرة على الأسعار لمواجهة التضخم المستمر، ومن هنا تأتي فكرة تفعيل دور المؤسسات الإستهلاكية بشكل أكبر وأوسع للسيطرة على الأسعار.
تتمتع المؤسسة الإستهلاكية العسكرية والمؤسسة الإستهلاكية المدينة بإنتشار واسع لفروعها في مختلف مناطق المملكة، وقد أصبحتا محطات مهمة في برنامج الأسر الأردنية من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، وبالفعل توفر المؤسستين تشكيلة واسعة من السلع تلبي كافة احتياجات الأسر، وبأسعار مقبولة إلى حد كبير مقارنة بأسعار السوق، مع المحافظة على الجودة.
وما يهمنا اليوم هو كيفية تفعيل دور المؤسستين لتوسيع نطاق عملها، وتعزيز قدراتها على المنافسة السعرية، وزيادة عدد الأصناف المعروضة، مع الإشارة إلى ضرورة أن يتم ذلك بالشراكة مع الشركات والمصانع الأردنية بحيث تكون لها الأولوية في التوريد؛ كون ذلك ينمي الصناعات الوطنية ويحافظ على تشغيل الأيدي العاملة المحلية، وقد تكون حملة (صنع في الأردن) التي أطلقتها غرفة صناعة عمان منذ عدة سنوات؛ هي خير شريك للمؤسستين لتواصلا قصة النجاح معاً.
وللفائدة.. نذكر هنا التجربة الناحجة والمتميزة لدولة الكويت الشقيقة في إطلاق (الجمعيات التعاونية) كأسواق مركزية، وذلك منذ عام 1962؛ حيث توزعت الجمعيات التعاونية في مختلف مناطق الكويت، وأصبحت هي المرجعية الأولى للمواطن الكويتي لتلبية كافة احتياجات أسرته بأسعار معقولة وموحدة على مستوى البلاد، وبجودة عالية يرافقها ضمان عدم التلاعب بالأسعار أو المبالغة فيها.
ويكفي العلم بأن اتحاد الجمعيات التعاونية الإستهلاكية يسيطر على حوالي 70% من حجم تجارة التجزئة في الكويت؛ حيث أصبح الاتحاد يفاوض كافة الشركات الموردة للسلع بلغة قوية وبحجم طلبات كبير؛ مما ساهم بتخفيض أسعار الموردين نتيجة المنافسة الكبيرة للفوز بهذا الحجم الكبير من المشتريات تحت مظلة الاتحاد، وهو ما حقق مصالح الجمعيات والمواطنين، وعزز أهمية وفكرة دعم الجمعيات بالشراء منها بشكل مستمر.
في الأردن ينتشر حالياً إعلان تحت عنوان (أرز المؤسسة)؛ حيث أطلقت المؤسسة الإستهلاكية العسكرية نوع معين من الأرز (هو الأكثر طلباً لدى المواطنين) تحت اسم تجاري خاص بها (أرز المؤسسة)، وهذه خطوة مهمة وقوية لتعزيز مكانة المؤسسة كجزء من الثقافة العامة للمواطنين، وبنفس الوقت تضمن استمرار وتقوية المنتج وتواجدة في أسواقها ولدى كل أسرة، فالأسم التجاري يكبر وتتعزز مكانته تسويقياً، والأسرة يصبح لديها ارتباط بهذا المنتج مبني على الجودة والسعر المناسب.
تعزيز قدرة هذه المؤسسات على التوسع والنمو وتوفير السلع بأسعار معقولة، يتطلب دعماً حكومياً بحيث يتم تقديم تسهيلات جمركية وغيرها تساهم في تسهيل عملها، ولتفادي التزايد المستمر في الأسعار، وقد يكون من المفيد دراسة آلية موحدة للشراء لكلا المؤسستين، وكذلك توحيد الأسعار بينهما للحيلولة دون تفرد التجار بالتسعير، ولترك الخيار للمواطنيين للشراء من أقرب الفروع إليهم.

08-آب-2022 11:38 ص

نبذة عن الكاتب